الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الخبير الاقتصادي عبد الجليل البدوي يكشف أسباب رفضه الانضمام إلى حكومة الشاهد

نشر في  08 ماي 2017  (11:03)

قال عبد الجليل البدوي الخبير الاقتصادي لدي الإتحاد العام التونسي للشغل أثناء تقديمه محاضرة في مؤسسة التميمي صبيحة يوم السبت 6 ماي الجاري حول إشكاليات البديل التنموي في مرحلة الانتقال الديمقراطي أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد طلب منه خلال لقاء جمعه به منذ أيام قليلة، الانضمام إلى حكومته في مهمة مستشار مكلف بالملف الاقتصادي وذلك في إطار الحلول الجديدة التي يبحث عنها لتطعيم الفريق العامل معه من ذوي الكفاءات والخبرات وفي محاولة لحلحلة الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي يعرف حالة من التأزم والعجز وذكر بأنه رفض هذا المنصب وهذا العرض ولم يقبل بهذه المهمة لأسباب أربعة:
 
السبب الاول : هو أن الظروف الحالية غير ملائمة لتقديم خدماته للحكومة خاصة ِوأن الحكومة تتعامل مع واقع استثنائي وتطبق في إجراءات عادية والحال أن معالجة الواقع في ظرف غير عادي يتطلب تطبيق حلول غير عادية وغير تقليدية. فملف الفساد الذي ترفع الحكومة شعار محاربته يدار اليوم بوسائل عادية والحال أن هذا الملف المطروح في وضعية استثنائية يحتاج أن يعالج بإجراءات وقرارات استثنائية غير عادية وعليه فإن هذا الملف سوف يبقى في أروقة المحاكم لسنوات كثيرة وفي الأثناء تضيع كل الأموال المتعلقة به . لقد قلت للشاهد لا يمكن أن تحق نتائج في هذا الملف وغيره من الملفات وأنت تدير في وضع استثنائي بآليات عادية تنطبق على الوضع الهادي والطبيعي و دولة إيطاليا في محاربتها للمافيا خير مثال على ذلك حيث تمكنت من القضاء على هذه الجماعات بوسائل غير عادية مع احترام حقوق وحريات الأفراد ومن منطلق حماية حق الدولة وتوخي هذا النهج في التعاطي مع ملف الفساد بإجراءات استثنائية يعيد للدولة هيبتها ويقدم رسالة للرأي العام بأنك جاد وبأنك تسير في الطريق الصحيحة ولكن مع كل أسف فإن الحكومة الحالية لا تقدر على اتخاذ اجراءات استثنائية في هذا الوضع الاستثنائي.
 
السبب الثاني : هو حالة المالية العمومية السيئة والوضع الذي عليه الميزان التجاري الذي يعرف خللا كبيرا بين صادراته ووارداته بارتفاع نسبة الواردات وأنت يا سي الشاهد تظن أنه بتخفيض في سعر صرف الدينار التونسي مقارنة بصرف العملة الأجنبية، سوف يقلص من حالة عدم التوازن في الميزان التجاري وهذا خطأ لأنه منذ سنة 2011 والدينار في انهيار مستمر. ومع ذلك فإن العجز متواصل ويزداد من سنة إلى أخرى وكان عليك أن تطبق الاجراءات الحمائية والإجراءات الاستثنائية المعمول بها في كل الدول التي مرت بنفس صعوباتنا وقلت له إن نكبتنا في ما حصل من تزاوج بين السياسة والمال وتداعيات هذا الالتقاء بين من يحكم وبين من يملك الثروة على اقتصاد البلاد لقد تسبب تدخل المال في الحكم في تكبيل السياسي فلم يعد قادرا على الحركة.
 
المشكل الثالث : يتعلق بتعثر انجاز الاستثمارات العمومية وتعطل مشاريع الدولة لأسباب كان من الممكن تلافيها لو كانت هناك إرادة سياسية واضحة ورغبة صادقة فكيف يقبل أن يعطل انجاز مشرع طريق سيارة لأسباب عقارية ولخلاف مع مالك الأرض حول جزء من مساحة الأرض يحتاجها الطريق ويبقى هذا المشروع معطلا لسنوات والجميع ينظر ولا تتخذ الاجراءات الاستثنائية التي تجعل الدولة تحقق مشاريعها مع حفظ حقوق المواطن وهذا العطب يعطي الانطباع بأن الدولة عاجزة عن القيام بمهامها لأسباب واهية وحلها موجود .
 
المشكل الرابع : أن الاجراءات الاستثنائية المطلوب توخيها في مثل ظروفنا الاستثنائية تحتاج إلى وسائل تطبيق تستجيب لهذه الوضعية لكن المقلق أن آليات التنفيذ منهارة فالإدارة ومرفق العدالة والجباية والأمن كل هذا اليوم عليه تحفظات وتوجه إليه اتهامات بالفساد لا يمكن تحقيق إصلاحات بنفس أشخاص الزمن القديم ولا يمكن انتاج الجديد بالقديم وكل حكومة لكي تنجح لا بد أن يكون لها صوتها على أرض الواقع وفي المجتمع فحكومة بدون صوت يتكلم باسمها ويعرف بانجازاتها، هي حكومة عرجاء. الحكومة الحالية لها مشكل تواصلي كبير وهذا ما أحدث فراغا في الساحة وكما هو معروف فإن الطبيعة تأبى الفراغ وهذا يستوجب من رئيس الحكومة ضبط خطة على كل هذه الأصعدة وفي غياب ذلك وهو الحاصل اليوم فلن يفيد البلاد في شيء، تغير رئيس الحكومة وإن كل شخصية مهما كانت كفاءتها فإنها لن تنجح إذا كانت تعمل في مثل هذه الظروف وأي شخصية يعهد لها مهمة رئاسة الحكومة سوف تفشل من دون اجراءات استثنائية ومع كل أسف اليوم نفتقد للإرادة السياسية التي تكون في مستوى المرحلة التاريخية.
الصريح